معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

معترك الأقران في إعجاز القرآن - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: علي محمّد البجاوي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر العربي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٨٨

والصحيح التأويل الأول لوروده فى الصحيح. وقد ورد أيضا عن ابن عباس وغيره.

فإن قيل : الآية خبر ، والأخبار لا يدخلها النسخ.

فالجواب أنّ لفظ الآية خبر ومعناها حكم.

(تُولِجُ اللَّيْلَ (١)) : تدخل هذا فى هذا ، فما زاد فى واحد نقص من الآخر مثله.

(تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ (٢)) : أى الكافر من المؤمن والمؤمن من الكافر. وقيل : يعنى الحيوان. قال ابن مسعود : هى النّطفة تخرج من الرجل ميّتة وهو حىّ ، ويخرج الرجل منها حيّا وهى ميتة. وقال عكرمة : البيضة من الدجاجة ، والدجاجة من البيضة. وعلى كل فالحياة والموت على هذا استعارة.

(تُؤاخِذْنا (٣)) من المؤاخذة بالذنب ، وقد كان يحقّ أن يؤاخذ الله بالنسيان ، وهو الذهول الغالب على الإنسان والخطأ غير العمد ، لو لا أن الله رفعه فلم يبق إلا محض التلفّظ بالآية على وجه العبادة. وأما الاعتقاد فهو عدم المؤاخذة ؛ للحديث : «رفع عن أمّتى الخطأ والنسيان».

(تُحَمِّلْنا (٤) ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ) فى هذا الدعاء دليل على جواز تكليف ما لا يطاق ؛ لأنه لا يدعى برفع ما لا يجوز أن يقع. ثم إنّ الشرع رفع وقوعه.

وتحقيق ذلك أن ما لا يطاق أربعة أنواع : عقلى محض ؛ كتكليف الإيمان لمن علم الله أنه لا يؤمن ، فهذا جائز ووقع باتفاق.

__________________

(١) آل عمران : ٢٧

(٢) آل عمران : ٢٧

(٣) البقرة : ٢٨٦

(٤) البقرة : ٢٨٦

٤١

والثانى عادىّ كالطّيران فى الهواء.

والثالث عقلى وعادىّ كالجمع بين الضدّين ؛ فهذان وقع الخلاف فى جواز التكليف بهما ، والاتفاق على عدم وقوعه.

والرابع تكليف ما يشقّ ويصعب ؛ فهذا جائز اتفاقا. وقد كلّفه الله من تقدم من الأمم ، ورفعه عن هذه الأمة المحمدية لحرمة نبيّها عنده.

(تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ (١)) : أى تهيّئ لهم المصافّ لقتال أعداء الله ؛ وذلك يوم السبت فى غزوة أحد. وقيل : ذلك يوم الجمعة بعد الصلاة حين خرج من المدينة ؛ وذلك ضعيف ، لأنه لا يقال غدوة فيما بعد الزوال إلّا على وجه المجاز. وقيل ذلك يوم الجمعة قبل الصلاة حين شاور الناس ؛ وذلك ضعيف ؛ لأنه لم يبوّأ حينئذ مقاعد للقتال إلا أن يراد أنه يبوّئهم بالتدبير حين المشاورة.

(تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ (٢)) : الإصعاد : الابتداء فى السفر. والانحدار : الرجوع. ولا تلوون مبالغة فى صفة الانهزام. وقرئ شاذّا : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى) أحد» ـ بضم الحاء.

(تُبْسَلَ نَفْسٌ (٣)) : معناه تحبس. وقيل تفضح. وقيل تهلك ؛ وهو فى موضع [١١٠ ا] مفعول من أجله ؛ أى كرهه كراهة أن تبسل نفس بما كسبت.

(تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ (٤)) : تسرهم ، والشماتة : السرور بمكاره الأعداء.

(تُرْهِبُونَ (٥)) : تخوفون به الأعداء.

(تُفِيضُونَ (٦)) : تدفعون فيه بكثرة.

__________________

(١) آل عمران : ١٢١

(٢) آل عمران : ١٥٣

(٣) الأنعام : ٧٠

(٤) الأعراف : ١٤٦

(٥) الأنفال : ٦٠

(٦) يونس : ٦١

٤٢

(تُحْصِنُونَ (١)) : تخزنون وتجنون.

(تُفَنِّدُونِ (٢)) : أى تلوموننى ؛ أو تردون علىّ قولى. معناه تقولون ذهب عقلك ؛ لأن الفند هو الخوف. يقال أفند الرجل إذا خرف ، وتغيّر عقله ، ولم يحصل كلامه. ثم قيل : فند الرجل إذا جهل. والأصل ذلك.

(تُسِيمُونَ (٣)) : ترعون أنعامكم. وقد قدمنا أن تريحون تردّونها بالعشى إلى المنازل.

(تُخافِتْ بِها (٤)) : تخفها. وسبب الآية أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جهر فى القراءة فى الصلاة فسمعه المشركون فسبّوا القرآن ومن أنزله ، فأمر صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتوسّط بين الجهر والإسرار ، ليسمع أصحابه الذين يصلّون معه ، ولا يسمع المشركون.

وقيل المعنى : لا تجهر بصلاتك كلها ، ولا تخافت بها كلها ، واجعل منها سرّا وجهرا ، حسبما أحكمته السنّة. وقيل الصلاة هنا الدعاء.

(تُمارِ (٥)) ، من المراء ، وهو الجدال والمخالفة والاحتجاج.

ومعنى الآية : لا تمار أهل الكتاب فى عدّة أصحاب أهل الكهف إلا مراء ظاهرا ؛ أى غير متعمّق فيه ، من غير مبالغة ولا تعنيف فى الردّ عليهم.

(تَسْتَفْتِ (٦)) : تسأل ؛ أى لا تسأل أحدا من أهل الكتاب عن أصحاب الكهف ؛ لأنّ الله قد أوحى إليك فى شأنهم ما يغنيك عن السؤال.

__________________

(١) يوسف : ٤٨

(٢) يوسف : ٩٤

(٣) النحل : ١٠

(٤) الاسراء : ١١٠

(٥) الكهف : ٢٣

(٦) الكهف : ٢٣

٤٣

(تصنع عَلى عَيْنِي (١)) ؛ أى تربّى ويحسن إليك بمرأى منّى وحفظ ، والعامل فى لتصنع محذوف.

(تُعَذِّبْهُمْ) : أى تمتهنهم ، والضمير لبنى إسرائيل ؛ لأن فرعون كان يسخّرهم ويذلّهم.

(تخبت لَهُ قُلُوبُهُمْ (٢)) ؛ أى تخضع وتطمئن. والمخبت : الخاضع المطمئن إلى ما دعى إليه. والخبت : المطمئن من الأرض.

(تُسْحَرُونَ (٣)) : أى تخدعون عن الحق ، والخادع لهم الشيطان ؛ وذلك شبيه لهم بالسحر فى التخليط والوقوع فى الباطل ؛ ورتبت هذه التوبيخات الثلاثة بالتدريج ؛ فقال أولا : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ). ثم قال ثانيا : (أَفَلا تَتَّقُونَ) ؛ وذلك أبلغ ؛ لأن فيه زيادة تخويف. ثم قال ثالثا : (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ). وفيه من التوبيخ ما ليس فى غيره.

(تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ (٤)) ؛ أى تشغلهم. ونزلت الآية فى أهل الأسواق الذين إذا سمعوا النّداء بالصلاة تركوا كل شغل ، وبادروا إليها. والبيع : من التجارة ، ولكن خصّه بالذكر تجريدا ؛ كقوله : فيها فاكهة ونخل ورمّان. أو أراد بالتجارة الشراء.

(تَتَقَلَّبُ (٥)) ؛ أى تضطرب من شدة الهول والخوف. وقيل تفقه القلوب وتبيضّ الأبصار بعد العمى ؛ لأن الحقائق تنكشف حينئذ. والأول أصح ؛ كقوله (٦) : (وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ).

__________________

(١) طه : ٣٩

(٢) الحج : ٥٤

(٣) المؤمنون : ٩٠

(٤) النور : ٣٧

(٥) النور : ٣٧

(٦) الأحزاب : ١٠

٤٤

(تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ (١)) ؛ أى تعرض بوجهك عنهم. والصعر ما يأخذ البعير فى رأسه فيقلب رأسه فى جانب ، فيشبّه الرجل الذى يتكبّر على الناس به.

(تُكِنُّ صُدُورُهُمْ (٢)) ؛ أى تخفى صدورهم.

(تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ (٣)) ؛ قيل يوم سلام. قيل : يوم القيامة. وقيل : فى الجنة ؛ وهو الأرجح ؛ لقوله : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ). ويحتمل أن يريد تسليم بعضهم على بعض ، أو قول الملائكة لهم سلام عليكم.

(تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ (٤)) ؛ أى تؤخر وتبعد ، وتضم وتقرب. واختلف ما المراد بهذا الإرجاء والإيواء ؛ فقيل : إن ذلك فى القسمة بينهنّ ؛ أى تكثر لمن شئت وتقلّل لمن شئت. وقيل : إنه فى الطلاق ؛ أى تمسك من شئت وتطلق من شئت. وقيل معناه تتزوج من شئت.

والمعنى على كل قول توسعة على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإباحة له أن يفعل ما شاء.

وقد اتفق الباقون على أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يعدل فى قسمته بين نسائه أخذا منه بأفضل الأخلاق [١١٠ ب] مع إباحة الله له.

والضمير فى قوله (مِنْهُنَّ) يعود على أزواجه صلى‌الله‌عليه‌وسلم خاصة ، أو على كل ما أحلّ له على حسب الخلاف المتقدم.

(تُشْطِطْ (٥)) ؛ أى تجاوز فى الحكم. يقال أشطّ الحاكم إذا جار. وقرئ فى الشاذ : ولا تشطط ـ بفتح الطاء ؛ أى لا تبعد عن الحق. يقال شطّ إذا بعد.

__________________

(١) لقمان : ١٨

(٢) النمل : ٧٤ ، والقصص : ٦٩

(٣) الأحزاب : ٤٤

(٤) الأحزاب : ٥١

(٥) ص : ٢٢

٤٥

(تمارونه) (١) ؛ أى تجادلونه. والضمير عائد على قريش لمّا كذبته صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى قوله : «أسرى بى». والذى رأى (٢) جبريل على هيئته التى قد خلقه الله عليها ، قد سد الأفق. وقيل الذى رأى (٣) ملكوت السموات والأرض. والأول أرجح لقوله (٤) : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى). وقيل الذى رأى هو الله تعالى.

وقد أنكرت ذلك عائشة. وسئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : هل رأيت ربك؟ فقال : نورانى أراه.

(تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٥)) : تنقصون الوزن. وقرئ بفتح التاء بمعنى لا تخسروا الثّواب الموزون يوم القيامة.

(تُمْنُونَ (٦)) ، من المنىّ ، وهو الماء الدافق الذى يكون منه الولد ، رائحته كرائحة الطلع ، أحد درجات التمر ، لشبهها بخلقة الإنسان فأشبهت الرائحة الأصل ؛ ولذلك قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أكرموا عماتكم النخلة ؛ وهذا يتضمّن إقامة برهان على الوحدانية وعلى البعث ، ويتضمن وعيدا وتعديد نعم.

(تُورُونَ (٧)) ؛ أى تقدحونها من الزناد. والزناد قد يكون من حجرين ، ومن حجر وحديدة ، ومن شجر ، وهو الرّخّ والعفار (٨).

ولما كانت عادة العرب فى زنادهم من شجر قال الله لهم (٩) : (أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ

__________________

(١) النجم : ١٢

(٢) من قوله : فى الآية نفسها : أفتمارونه على ما يرى.

(٣) من قوله : فى الآية نفسها : أفتمارونه على ما يرى.

(٤) النجم : ١٣

(٥) الرحمن : ٩

(٦) الواقعة : ٥٨

(٧) الواقعة : ٧١

(٨) العفار ـ كسحاب : شجر يتخذ منه الزناد (القاموس).

(٩) الواقعة : ٧٢

٤٦

شَجَرَتَها) ، أى الشجرة التى يزند النار منها. وقيل : أراد بالشجرة نفس النار ؛ كأنه يقول نوعها أو جنسها ؛ فاستعار الشجرة لذلك.

(تُدْهِنُ (١)) من المداهنة وهو النّفاق. والادّهان الإبقاء ، وترك المناصحة والصدق ؛ ومنه قوله (٢) : (أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ). معناه متهاونون. وأصله لين الجانب والموافقة بالظاهر لا بالباطن. وروى أنّ الكفار قالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لو عبدت آلهتنا لعبدنا إلهك ؛ فنزلت الآية.

(تراث) (٣) : ما يورث عن الميّت من المال. والتاء فيه بدل من واو.

(تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ (٤)) : تجاه أصحاب النار ، ونحو أهل النار ، وكذلك تلقاء مدين. وقوله : من تلقاء نفسى ، أى من عند نفسى.

(تبيان) (٥) : تفعال من البيان.

(تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ (٦)) ، منها خروج يده بيضاء ، والعصا ، والسنون ، ونقص الثمرات ، والطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع والدم ، وحلّ العقدة من لسانه ، وفرق البحر ، ورفع الطور فوقهم ، وانفجار الماء من الحجر عند قوم.

وروى أن اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك ، فقال : «ألّا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ ، ولا تسعوا ببريء إلى سلطان ليقتله ، ولا تسحروا ، ولا تأكلوا الربوا ، ولا تقذفوا المحصنات ، ولا تفرّوا يوم الزّحف ، وعليكم خاصة اليهود ألا تعتدوا فِي السَّبْتِ.

__________________

(١) القلم : ٩

(٢) الواقعة : ٨١

(٣) الفجر : ١٩

(٤) الأعراف : ٤٧

(٥) النحل : ٨٩

(٦) الإسراء : ١٠١

٤٧

(التِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)) : جبلان بالشام ينبتان التّين والزيتون ، يقال لهما طور تينا وطور زيتا بالسريانية ، وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى أو مسكنه ، فكأنه قال : ومنابت التين والزيتون ؛ وهذا أظهر الأقوال ؛ لأن الله ذكر بعد هذا الطّور الذى كلم عليه موسى ، والبلد الذى بعث منه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتكون الآية نظير ما فى التوراة ؛ أن الله جاء من طور سينا وطلع من ساعير (٢) ، وهو موضع عيسى ، وظهر من جبال فاران ، وهى مكة ؛ وأقسم الله بهذه المواضع التى ذكر فى التوراة [١١١ ا] لشرفها بالأنبياء المذكورين.

وقيل : إنه التين الذى يؤكل والزيتون الذى يعصر ، أقسم الله بهما لفضيلتهما على سائر الفواكه.

وروى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أكل مع أصحابه تينا ، فقال : «لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة قلت هذه» ؛ لأن فاكهة الجنة بلا عجم (٣) ، فكلوه فإنه يقطع البواسير ، وينفع من النقرس.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «نعم السّواك الزيتون من الشجرة المباركة ، هى سواكى وسواك الأنبياء من قبلى».

(التاء حرف جبر) معناه حرف القسم يختص بالتعجّب ، وباسم الله تعالى. قال (٤) فى الكشاف فى قوله تعالى (٥) : (تَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) : الباء أصل أحرف القسم ، والواو بدل منها ، والتاء بدل من الواو ، وفيها زيادة معنى التعجّب ، كأنه تعجب من تسهل الكيد على يديه وتأتّيه مع عتوّ نمرود وقهره.

__________________

(١) التين : ١

(٢) وياقوت.

(٣) العجم ـ بالتحريك وكغراب : نوى كل شىء (القاموس).

(٤) الكشاف : ٢ ـ ٤٨

(٥) الأنبياء : ٥٧

٤٨

(تَبارَكَ) قد قدمنا أنه فعل لا يستعمل إلا بلفظ الماضى ، ولا يستعمل إلا لله تعالى ، أى لا يتصرف. ومن ثم قيل إنه اسم فعل.

حرف التّاء المثلثة

(ثَقِفْتُمُوهُمْ (١)) : ظفرتم بهم.

(ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٢)) ؛ أى خفى علمها على أهل السموات والأرض ، وإذا خفى الشيء ثقل.

وقيل ثقلت على أهل السموات والأرض لهيبتها عندهم وخوفهم منها.

وقيل ثقلت عليهم لتفطر السماء فيها وتبديل الأرض.

(ثَمُودُ) : قبيلة من العرب الأقدمين ، هذا على أنه غير منصرف. وأما من صرفه فهو على وزن فعول من الثمد ، وهو الماء القليل.

(ثبطهم): حبسهم ؛ أى كسر عزمهم ، وجعل فى قلوبهم الكسل.

(الثَّرى (٣)) : التراب النّديّ ، والمراد به فى الآية الأرض.

(ثانِيَ عِطْفِهِ (٤)) ، أى عادلا جانبه. والعطف : الجانب ؛ يعنى معرضا متكبّرا. واختلف على من يعود الضمير ، فقيل على الأخنس بن شريق. وقيل فى النّضر بن الحارث ، بدليل (٥) : (لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) ؛ فالخزى أسره ثم قتله.

(ثاوِياً (٦)) : مقيما.

__________________

(١) البقرة : ١٩١

(٢) الأعراف : ١٨٧

(٣) طه : ٦

(٤) الحج : ٩

(٥) الحج : ٩

(٦) القصص : ٤٥

٤٩

(ثَلاثُ عَوْراتٍ (١)) ، جمع عورة من الانكشاف ؛ كقوله تعالى (٢) : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ). ومن رفع ثلاث فهو خبر مبتدأ مضمر ، تقديره : هذه الأوقات ثلاث عورات لكم ؛ أى تنكشفون فيها. ومن نصبه فهو بدل من ثلاث مرات.

ومعنى الآية أن الله أمر المماليك والأطفال بالاستئذان فى ثلاث أوقات ، وهى قبل الصبح ، وحين القائلة وسط النهار ، وبعد صلاة العشاء الآخرة ؛ لأن هذه الأوقات يكون الناس فيها متجرّدين للنوم فى غالب الأمر ، وهذه الآية محكمة. وقال ابن عباس : ترك الناس العمل بها ، وحملها بعضهم على النّدب.

(ثاقِبٌ (٣)) : مضىء كثيرا.

(ثَجَّاجاً (٤)) : سيالا ، ومنه قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أحبّ العمل إلى الله العجّ والثّجّ ، فالعجّ التلبية ورفع الصوت بها وبذكر الله تعالى. والثجّ : إسالة الدماء من النّحر والذبح.

(ثُباتٍ (٥)) : جمع ثبة ، أى جماعات فى تفرقة ، أى حلقة حلقة كل جماعة منها ثبة ، ووزنها فعلة بفتح العين ولامها محذوفة. وقيل إن الثبة ما فوق العشرة.

(ثُعْبانٌ (٦)) : حية عظيمة الجسم.

(ثَمَرٌ (٧)) جمع ثمار ، ويقال الثّمر ـ بضم الثاء : المال. والثّمر ـ بفتح الثاء : جمع ثمرة من ثمار المأكول.

__________________

(١) النور : ٥٨

(٢) الأحزاب : ١٣

(٣) الصافات : ١٠

(٤) النبأ : ١٤

(٥) النساء : ٧١

(٦) الأعراف : ١٠٧

(٧) الكهف : ٣٤

٥٠

(ثُبُوراً (١)) : أى هلاكا. ومعنى دعائهم ثبورا لأنهم يقولون يا ثبوراه ، كقول القائل يا حسرتى ، يا أسفى ، فيقال لهم : (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً).

(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٢)) : أى جماعة من هذه الأمة وجماعة من آخرها. وقد قال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الفرقتان من أمّتى. وفى ذلك ردّ على من قال : إنهما من غير هذه الأمة.

وتأمل كيف جعل أصحاب اليمين ثلّة من الأولين وثلّة من الآخرين ، بخلاف السابقين ، فإنهم قليل فى الآخرين ، وذلك لأن السابقين فى أول هذه الأمة أكثر منهم فى آخرها لفضيلة السلف الصالح. وأما أصحاب اليمين فكثير فى أولها وآخرها [١١١ ب].

(ثُوِّبَ الْكُفَّارُ (٣)) : يقال ثوّبه وأثابه. وأصله إيصال النفع إلى المكلف على طريق الجزاء. قال تعالى (٤) : (مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ). وأما المثيب فهو من فعل الثّواب. وأما المثاب فهو من فعل الثواب به.

وهذه الجملة يحتمل أن تكون متصلة بما قبلها فى موضع معمول ينظرون فتوصل مع ما قبلها ، أو تكون توقيفا فيوقف قبلها ، ويكون معمول ينظرون محذوفا.

(ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٥)) : فيه ثلاثة أقوال : أحدها أنه حقيقة فى التطهير للثياب من النجاسة. واختلف على هذا هل يحمل على الوجوب ، فتكون إزالة النجاسة واجبة ، أو على الندب فتكون سعة؟ والآخر أنه يراد به الطهارة من الذنوب والعيوب ، فالثياب على هذا مجاز. الثالث أن معناه لا تلبس من مكسب خبيث.

__________________

(١) الانشقاق : ١١

(٢) الواقعة : ١٣

(٣) المطففين : ٣٦

(٤) المائدة : ٦٠

(٥) المدثر : ٤

٥١

(ثمّ) حرف يقتضى ثلاثة أمور : التشريك فى الحكم والترتيب والمهلة ، وفى كل خلاف :

أما التشريك فزعم الكوفيّون والأخفش أنه قد يتخلّف بأن تقع زائدة ، فلا تكون عاطفة البتّة ، وخرّجوا على ذلك قراءة (١) : (حَتَّى إِذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ). وأجيب بأن الجواب فيها مقدّر.

وأما الترتيب والمهلة فخالف قوم فى اقتضائها إياهما تمسّكا بقوله (٢) : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها ثم بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ). (٣) (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى). والاهتداء سابق على ذلك. (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ (٤)).

وأجيب عن الكلّ بأن ثم فيها لترتيب الأخبار لا لترتيب الحكم. قال ابن هشام (٥) : وغير هذا الجواب أنفع منه ، لأنه يصحح الترتيب فقط لا المهلة ، إذ لا تراخى بين إخبارهن (٦).

والجواب المصحح لهما ما قيل فى الأولى إن العطف على مقدّر ، أى من نفس واحدة أنشأها ، ثم جعل منها زوجها. وفى الثانية إن سوّاه عطف على الجملة الأولى لا الثانية. وفى الثالثة إن المراد ثم دام على الهداية.

__________________

(١) التوبة : ١٩

(٢) السجدة : ٨

(٣) طه : ٨٢

(٤) الأنعام : ١٥٣ ، ١٥٤

(٥) المغنى : ١ ـ ١٠٥

(٦) في المغنى : بين الإخبارين.

٥٢

فائدة

أجرى الكوفيّون ثم مجرى الفاء والواو فى جواز نصب المضارع المقرون بها بعد فعل الشرط. وخرّج عليه قراءة الحسن (١) : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ) ـ بنصب يدركه.

(ثَمَّ) ـ بالفتح : اسم يشار به إلى المكان البعيد ، نحو (٢) : (وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ). وهو ظرف لا يتصرف ، فلذلك غلط من أعربه مفعولا لرأيت فى قوله (٣) : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ). وقرئ (٤) : (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) ، بدليل : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) (٥).

وقال الطبرى فى قوله (٦) : (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ) : معناه هنالك ، وليست العاطفة. وهذا وهم اشتبه عليه المضمومة بالمفتوحة. وفى التوشيح لخطاب : ثم ظرف فيه معنى الإشارة إلى حيث ، إلا أنه هو فى المعنى.

__________________

(١) النساء : ٩٩

(٢) الشعراء : ٦٤

(٣) الإنسان : ٢٠

(٤) يونس : ٤٦

(٥) الكهف : ٤٤

(٦) يونس : ١؟؟؟

٥٣

حرف الجيم

(جَنَفاً (١)) : ميلا وعدولا عن الحق ، يقال جنف علىّ ، أى مال على.

(جارٌ) فى قوله (٢) : (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) ، هو القريب النسب. والجار الجنب هو الأجنبى. وقيل ذى القربى القريب المسكن منك ، والجنب : البعيد المسكن منك. وحدّ الجوار عند بعضهم أربعون ذراعا من كل ناحية. وقيل أربعون بابا. والصاحب بالجنب : الرفيق فى السفر. وابن السبيل : الضعيف.

(جوارح) (٣) : كواسب ، وسميت الكلاب جوارح لأنها تكسب لأهلها. ولا خلاف فى جواز الصيد بالكلاب. واختلف فيما سواها. ومذهب الجمهور الجواز للأحاديث الواردة. ومنع بعضهم ذلك ؛ لقوله : مكلّبين (٤) ؛ فإنه مشتق من الكلب. ونزلت الآية بسبب عدى بن حاتم ؛ فإنه كان له كلاب يصطاد بها ، فسأل [١١٢ ا] رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عما يحل من الصيد.

(جَبَّارِينَ (٥)) : أقوياء ، عظام الأجسام بقيّة من العمالقة. والجبار : من أسماء الله ، معناه القهّار. والجبّار المسلّط ؛ كقوله (٦) : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) ؛ أى بمسلط. والجبار : المتكبر ، كقوله (٧) : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا). والجبار : القتّال ، كقوله (٨) : (وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) ، أى قتالين. والجبار : الظالم.

(جَرَحْتُمْ (٩)) : كسبتم ، ومنه : اجترحوا السّيئات.

__________________

(١) البقرة : ١٨٢

(٢) النساء : ٣٦

(٣) المائدة : ٤

(٤) المائدة : ٤

(٥) المائدة : ٢٢ ، الشعراء : ١٣٢

(٦) ق : ٤٥

(٧) مريم : ٣٢

(٨) الشعراء : ١٣٠

(٩) الأنعام : ٦٠

٥٤

(جَنَّ (١)) : أظلم وغطّى ، يقال : جنّه وأجنّه ؛ ومنه سمى المجنون ؛ أى لتغطية عقله.

(جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً (٢)) ؛ أى يسكن فيه عن الحركات.

(جَعَلَ) لها أربعة معان : صيّر ، وألفى ، وخلق ، وأنشأ يفعل كذا.

(جَناحَ) الطائر : معروف. وجناح الإنسان إبطيه ، كقوله (٣) : (اضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ). ولا جناح : لا إثم ، فمعناه إباحة. وجنح للشيء : مال إليه.

(جاثِمِينَ) : باركين على الركب بعضهم على بعض. والجثوم للناس والطير بمنزلة البروك للبعير.

(جَوابَ قَوْمِهِ) : أى قوم صالح لم يكن لهم جواب إلا قولهم (٤) : (أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ).

(جَنَحُوا لِلسَّلْمِ (٥)) : أى مالوا للصلح. والآية منسوخة بآية السيف فى براءة ، لأن مهادنة كفار العرب لا تجوز.

(جَهَّزَهُمْ (٦)) : أى أصلح لهم ما احتاجوا إليه من زاد وغيره ، والمراد به هنا الطعام الذى باع منهم يوسف.

(جاسوا خِلالَ الدِّيارِ (٧)) ؛ أى عاثوا وقتلوا ، وكذلك حاسوا وهاسوا وداسوا. روى أنهم قتلوا علماءهم ، وأحرقوا التوراة ، وأخربوا المساجد ، وسبوا منهم سبعين ألفا.

__________________

(١) الأنعام : ٧٦

(٢) الأنعام : ٩٦

(٣) طه : ٥

(٤) الأعراف : ٨٢

(٥) الأنفال : ٦١

(٦) يوسف : ٥٩

(٧) الإسراء : ٥

٥٥

واختلف على من يعود الضمير؟ فقيل : لجالوت وجنوده. وقيل بخت نصر ملك بابل.

(جاءَ وَعْدُ أُولاهُما (١)) ، يعنى إفسادهم فى المرة الأولى.

(جَنِيًّا (٢)) : الذى طاب وصلح لأن يجتنى. ويقال جنى طرى.

(جَانٌّ) ، يعنى من الحيات ، لأنهم على أصناف شتّى.

(جلابيب) (٣) : ملاحف ، واحدها جلباب ، وكان نساء العرب يكشفن وجوههن ، كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعيا إلى نظر الرجال إليهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلباب ، وهو ثوب أكبر من الخمار ، وصورة إدنائه عند ابن عباس أن تلويه على وجهها حتى لا ينظر منها إلا عين واحدة تبصر بها. وقيل : أن تلويه حتى لا يظهر إلا عيناها. وقيل : أن تغطّى نصف وجهها.

(جواب) (٤) : جمع جابية ، وهى البركة التى يجتمع فيها الماء.

(الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٥)) : سفن فى البحر كالجبال ، الواحدة جارية ، ومنه قوله (٦) : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) ، يعنى سفينة نوح.

(جاثِيَةً (٧)) : باركة على الركب ، وهى جلسة المخاصم والمجادل. ومنه قول على رضى الله عنه : أنا أول من يجثو للخصومة بين يدى الله.

(جَدَلاً (٨)) : أى يقصد الإنسان أن يغلب من يناظره سواء عليه بحق

__________________

(١) الإسراء : ٥

(٢) مريم : ٢٥

(٣) الأحزاب : ٥٩

(٤) سبأ : ١٣

(٥) الشورى : ٣٢

(٦) الحاقة : ١١

(٧) الجاثية : ٢٨

(٨) الزخرف : ٥٨

٥٦

أو بباطل ، فإن ابن الزّبعرى وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل فى قوله تعالى (١) : (حَصَبُ جَهَنَّمَ) ، ولكنهم أرادوا المخالطة فوصفهم بأنهم ما ضربوا لرسول الله هذا المثل إلّا على وجه الجدل ، وهذا كقوله (٢) : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا). ((٣) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ).

(جَنَى الْجَنَّتَيْنِ (٤)) : قد قدمنا أن الجنى ما يجتنى من الثمار. وروى أن الإنسان يجتنى الفاكهة فى الجنة على أى حال كان من قيام وقعود واضطجاع ؛ لأنها تتدلى له إذا رآها ، فتقول له كلنى يا ولى الله ، هذا هو النعيم المقيم. وكيف لا ونبينا فيها نديم ، والثواب عظيم ، والبقاء فيها قديم ، والعطاء فيها جسيم ، والحزن فيها عديم ، والمضيف فيها كريم ؛ نعيمها مؤبد ، ومقامها مخلّد ، وبقاؤها سرمد (٥) وفرشها ممدود ومرافقها ممهد ، وحورها منهد ، وقصورها مشيد ، وظلها ممدود ، وفيها جنة الفردوس نزولا لمن لم يجعل لمولاه شريكا ولا مثيلا [١١٢ ب] وأخلص له فى دنياه قولا وعملا وفعلا ، ولم يزل على عصيانه خائفا وجلا ، ولم يطلب الأعواض على أعماله فاتخذه موئلا.

(جَدُّ رَبِّنا (٦)) ؛ أى عظمته. وقيل غناه ؛ من قولك : فلان مجدود إذا استغنى. ويقال : جدّ فلان فى الناس أى عظم فى عيونهم ، وجلّ فى صدورهم. ومنه قول أنيس : كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جدّ فينا ؛ أى عظم.

(جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٧)) ؛ أى نقبوه ونحتوا فيه بيوتا.

__________________

(١) الأنبياء : ٩٨

(٢) غافر : ٤

(٣) الشورى : ٣٥

(٤) الرحمن : ٥٤

(٥) السرمد : الدائم.

(٦) الجن : ٣

(٧) الفجر : ٩

٥٧

والوادى : ما بين الجبلين ، وإن لم يكن فيه ماء. وقيل أراد وادى القرى. والضمير يعود على ثمود المتقدم الذكر. وقد فسّرتها الآية : وتنحتون من الجبال بيوتا.

(جَمًّا (١)) : شديدا كثيرا ، وهو ذمّ الحرص على المال ، وشدة الرغبة فيه.

(جُنُباً (٢)) : الذى أصابته الجنابة ، يقال جنب الرجل وأجنب ، واجتنب وتجنبه. والجنب : الغريب. وجنّب : بعد.

(جَهَنَّمَ (٣)) : اسم لأحد طبقاتها. وقيل : إنها علم على سائر النار. وقيل : إنها عجمية. وقيل فارسية. وقيل عبرانية.

(جُرُفٍ) : ما تجرف السيول من الأودية.

(جُهْدَهُمْ (٤)) : وسعهم وطاقتهم ؛ والضمير يعود على الذين لا يقدرون إلا على القليل فيتصدقون به ، ونزلت فى أبى عقيل تصدق بصاع من تمر ، فقال المنافقون : إن الله غنى عن صدقة هذا.

(جودى) (٥) : جبل بالموصل. وروى أن الله أوحى إلى الجبال أنى مرس هذه السفينة ، فتطاولت لها الجبال كلها إلا هذا الجبل ، فإنه لم ير نفسه أهلا لذلك ، فاستوت عليه واستقرّت ، وهكذا شأنه لا يرتفع شىء فى الدنيا إلا وضعه ، مصداقه الحديث : من تواضع لله رفعه الله.

(جب) (٦) : ركية لم تطو ، فإذا طويت فهى فى بئر.

__________________

(١) الفجر : ٢٠

(٢) النساء : ٤٣

(٣) التوبة : ١٠٩ وغيرها

(٤) التوبة : ٧٩

(٥) هود : ٤٤

(٦) يوسف : ١٠

٥٨

(جُفاءً (١): يجفاه السّيل ؛ أى يرمى به إلى جنباته. ويقال : جفأت القدر بزبدها إذا ألقته عنها.

(جرز) (٢) ـ بالضم والفتح والكسر : الأرض الغليظة اليابسة التى لا نبت بها. ويقال الجرز التى تجرز ما فيها من النبات وتبطله ، يقال جرزت الأرض إذا ذهب نباتها ، فكأنها قد أكلته ، كما يقال رجل جروز إذا كان يأتى على كلّ مأكول لا يبقى منه شيئا ، وسيف جراز يقطع كل شىء يقع عليه فيهلكه ، وكذلك السنة الجروز. وأما قوله تعالى (٣) : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ) ؛ فمعناه العطشانة.

(جُذاذاً (٤)) ؛ أى فتاتا. ويجوز فيه الضم والفتح والكسر. وهو من الجذّ بمعنى القطع. ويقال جذ الله دابرهم ؛ أى استأصلهم.

(جُدَدٌ (٥)) : جمع جدّة ، وهى الخطط والطرائق فى الجبال.

(جُزْءاً (٦)) : أى نصيبا. وقيل إناثا. وقيل بنات. ويقال أجزأت المرأة إذا ولدت أنثى. وجاء التفسير : أن مشركى العرب قالوا إن الملائكة بنات. وقالوا إنهم إناث ؛ فردّ الله عليهم بقوله (٧) : (أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ). ((٨) أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ؟) يعنى أنهم لم يشهدوا خلق الملائكة ، فكيف يقولون ما ليس لهم به علم.

(جِبِلًّا (٩)) ـ بالضم والفتح والكسر : خلقا.

__________________

(١) الرعد : ١٧

(٢) الكهف : ٨

(٣) السجدة : ٢٧

(٤) الأنبياء : ٥٨

(٥) فاطر : ٢٧

(٦) الزخرف : ١٥

(٧) الصافات : ١٤٩

(٨) الزخرف : ١٩

(٩) يس : ٦٢

٥٩

(جُنَّةً (١)) ترس وما أشبهه مما يتستر به ، واستعمل فى آية المجادلة وغيرها استعارة ؛ لأنهم كانوا يظهرون الإيمان لتعصم دماؤهم وأموالهم.

(جُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٢)) : أى فى إذهاب ضوئهما. وقيل يجمعان حيث يطلعهما الله من المغرب. وقيل يجمعان يوم القيامة ثم يلقى بهما فى النار.

(جبت) (٣) : فيه أقوال والصحيح أنه كلّ ما عبد من دون الله ويقال الجبت السّحر. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت اسم الشيطان بالحبشية. وأخرجه أيضا عبد الرحمن عن عكرمة ، وأخرج ابن جرير عن سعيد ابن جبير ، قال : الجبت الساحر ، بلسان الحبشية.

(جزية) (٤) : خراج مجعول على كل رأس. وسميت جزية أهل الكتاب ؛ لأنها قضاء منهم لما عليهم. ومنه قوله (٥) : (لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) ؛ أى لا تقضى ولا تغنى. ويلتحق بأهل [١١٣ ا] الكتاب المجوسىّ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب. واختلفوا فى قبولها من عبدة الأوثان والصابئين. ولا تؤخذ من النساء والصبيان والمجانين ؛ وقدرها عند مالك أربعة دنانير على أهل الذهب ، وأربعون درهما على أهل الورق.

فإن قلت : قد اتّفق العلماء على قبول الجزية مع بقائهم على كفرهم ، فما الفرق بينها وبين أخذ مال على البقاء على المعصية كالزنا وشبهه؟

فالجواب : أن بقاء أهل الكفر على دينهم متحقّق ممّن أسلم منهم أو من ذرّيتهم ، بخلاف البقاء على المعصية. وقد جعل القرافى لهذه القاعدة فرقا فى فروقه ؛ فليتأمل هناك.

__________________

(١) المجادلة : ١٦ ، والمنافقون : ٢

(٢) القيامة : ٩

(٣) النساء : ٥١

(٤) التوبة : ٢٩

(٥) البقرة : ٤٨

٦٠